يوميات عدوان نيسان 1996

لبنان

لبنان في مرحلة ما بعد المصالحة .. وتهرب من التعاون العسكري مع روسيا 
09/09/2019

لبنان في مرحلة ما بعد المصالحة .. وتهرب من التعاون العسكري مع روسيا 

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الإثنين على التطورات الإيجابية في البلاد، توصيفاً للمصالحة التي جرت بين حزب الله والحزب التقدمي الإشتراكي في عين التينة يوم السبت الماضي، في ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان. وفي سياق أخر، برز تساءل حول تهرب رئيس الحكومة سعد الحريري من التعاون العسكري مع روسيا. 

الحريري يتهرّب من «التعاون العسكري» مع روسيا؟

بداية مع "الأخبار" التي تناولت الموعد الذي طلبه الرئيس سعد الحريري لزيارة موسكو قريباً، من دون أن يولي اهتماماً لاتفاقية التعاون العسكري التي يخبّئها في جارور مجلس الوزراء، منذ عامين، على الرغم من وعوده للمسؤولين الروس. فهل يتهرّب مرة جديدة؟

وأضافت "الأخبار" أن اللجنة الحكومية الروسية - اللبنانية المشتركة أنهت اجتماعاتها في بيروت قبل يومين، ومن أبرز بنود جدول أعمالها، التعاون العسكري بين البلدين. على مدى ثلاثة أيام، ناقش ممثّلو هيئات روسية عديدة، بينها هيئة التسليح والصناعات العسكرية والتعاون مع الدول الأخرى، مع ضباط القوى المسلّحة اللبنانية ممثّلين عن مختلف الأسلحة، رفع مستوى التعاون العسكري بين لبنان وروسيا. ولعلّ أهمّ ما سمعه الضّباط اللبنانيون، عن لسان ممثّلي الجيش الروسي، هو استعداد موسكو لمدّ لبنان بالأسلحة التي يحتاج إليها للدفاع عن ترابه وبحره وجوّه، من أي جهة أتى التهديد، ومن دون شروط سياسية. وهو الأمر الذي يسمع اللبنانيون نقيضه من القوى الغربية، التي تقدّم للجيش اللبناني أسلحة تصلح للقتال الداخلي، ولمكافحة عصابات إرهابية، ولو مجاناً، بينما لا يخجلون من التأكيد أن أسلحتهم غير مخصصة للدفاع عن لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية، ويرفضون تسليم لبنان أسلحة دفاع جوي أو بحري. في الوقت الذي يؤكّد فيه الجانب الروسي، دائماً، وآخرها خلال الاجتماعات الأخيرة، استعداده لتسليم لبنان أسلحة مضادة للطائرات في عزّ الحاجة إلى حماية سماء لبنان من الانتهاكات الإسرائيلية، أو على الأقل تقييد حركة الطائرات المسيرة، خصوصاً بعد إعلان المقاومة الحرب على طائرات التجسس المعادية.

إلّا أن كل الأجواء الإيجابية والرغبة في التعاون التي أبداها ويبديها الجيش اللبناني تجاه التعاون العسكري مع روسيا، تظلّ «حسن نوايا» لا أكثر، ما دام الرئيس سعد الحريري يقف عائقاً أمام رفع مستوى هذا التعاون، عملاً بالرغبة الأميركية والغربية.
فالحريري، للمرّة العاشرة ربّما، يؤجّل بحيلٍ مختلفة، إدراج قرار منح وزير الدفاع إذن التوقيع على اتفاقية التعاون العسكري بين لبنان وروسيا، على جدول أعمال مجلس الوزراء، محمّلاً الأزمات السياسية أو الاستحقاقات مسؤولية هذا التأخير. لكنّه في الوقت ذاته لا ينفكّ يعد المسؤولين الروس، بدءاً من السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبيكين، إلى المسؤولين في موسكو، عبر مستشاره الشخصي جورج شعبان، بتوقيع الاتفاقية في أسرع وقت!

وأوضحت الصحيفة أنه في المرّة الماضية، «خَرَّب» شعبان والحريري زيارة وزير الدفاع الياس بو صعب لموسكو، الذي كان من المفترض أن يشارك في احتفالية «منتدى الجيش الروسي 2019». فمستشار رئيس الحكومة تنقّل في وزارة الدفاع الروسية متحدّثاً باسم الجيش اللبناني ووزارة الدفاع، حتى إنّه أبلغ مسؤولين روسيين أن الجيش يطلب تعديل بنود الاتفاقية. وفي الوقت نفسه، كان الحريري في بيروت يرفض وضع البند على جدول أعمال الحكومة، طالباً التأجيل، بعد أن كان الجيش ووزارة الدفاع قد أنهيا، منذ أشهر، إرسال الاتفاقية كاملة إلى مجلس الوزراء!. وخير دليل على نية الحريري تجاه التعاون العسكري مع روسيا، هو الاستجابة للضغوط الأميركية برفض الجيش اللبناني هبة الذخائر الروسية قبل نحو عام. ووقتها ابتدع الحريري مخرج تسلّم وزارة الداخلية لهذه الذخائر بدل الجيش، إرضاءً للمسؤولين الروس، الذين عبّروا عن امتعاض كبير من الخطوة المعنويّة. ورغم ذلك، فإن وزارة الداخلية، وهي من حصّة الحريري، لم ترسل حتى الآن رسالةً واحدة تطلب فيها من الجانب الروسي الحصول على الهبة!

وفيما يجري الحديث عن احتمال حصول الزيارة بداية الشهر المقبل، لم يُظهر الحريري بعد أي نيّة لوضع تفويض وزير الدفاع توقيع الاتفاقية على جدول أعمال مجلس الوزراء، رغم أن بو صعب طلب مراراً بت الأمر. فما هي ذريعة الحريري هذه المرّة أمام بوتين؟


جنبلاط يشغّل محرّكات الحوار الإيجابي مع حزب الله والتيار

بدورها قالت "البناء" إنه منذ عملية المقاومة في أفيفيم بدا أن أشياء كثيرة تتغيّر في المنطقة، بعدما أنهى حزب الله الرهانات على ترغيبه وترهيبه كرمز لقوى المقاومة لإجباره على التراجع عن المعادلة التي رسمها تحت عنوان «الحرب على إيران ستشعل المنطقة وستدقع إسرائيل وحكومات الخليج ثمنها بالدمار الشامل». وقد برز التحول في المشهد الإقليمي والدولي، مع الإعلان الأميركي بلسان مساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر من الرياض عن تفاوض غير مباشر يجري مع حركة أنصار الله، ومع التموضع الفرنسي على خط مواصلة التفاوض مع إيران رغم إجراءاتها الجديدة ضمن حزمة الخروج من ضوابط الاتفاق النووي، بينما كانت إشارات عربية خليجية نحو إيران بالسعي للتفاوض تمّ الطلب إلى موسكو المساعدة بترتيب الأجواء نحوها، كما أفادت مصادر مطلعة لـ»البناء»، بينما تظهر القاهرة قدرة على التقاط المناخات الجديدة، بتمهيد دبلوماسي وإعلامي لفتح ملف عودة سورية إلى الجامعة العربية.

وحول التطورات أضافت الصحيفة أن «أنتينات» رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، اشتغلت لالتقاط المناخات الجديدة، بعدما كان خياره التصعيدي مع حادثة قبرشمون تحت عنوان «مشكلتي مع حزب الله»، وقد ساعد جنبلاط في القراءة الدقيقة لما يجري اعتماده اللصيق على قاموس المصطلحات والمفردات الذي يحمله في جيبه رئيس مجلس النواب نبيه بري، واستكشافه الدقيق لما بين سطور لقاءاته في القاهرة، ليقوم بتشغيل محركات الانفتاح الإيجابي على حزب الله والتيار الوطني الحر، بعدما نجح الفريقان بإسقاط نظرية جنبلاط عن الاعتراف بدوره السابق كبيضة قبان للمعادلات السياسية، ونجاحهما بجعل المصالحة مع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال إرسلان، وكما تبدو الحركة الجنبلاطية تهدف لخوض الحوارات بهدوء وتثبيت العلاقات الطبيعية مع الفريقين، تاركاً أوهام حلفائه السابقين في الرابع عشر من آذار بتشكيل رأس حربة لمعركتهم مع حزب الله والتيار الوطني الحر، تبدو بالمقابل نيات إيجابية وغير مستعجلة لدى حزب الله والتيار الوطني الحر، على خلفية منح جنبلاط الوقت الكافي لتموضع جديد، يبدأ بعنوان ربط النزاع وتنظيم الخلاف ويتطوّر، كما منحه ما يطلبه من مراعاة لمعاملة يعترف له بها الفريقان لمكانته بين الزعامات اللبنانية، وتبديد هواجسه تجاه مخاوف محاولات التهميش بالانفتاح على التشاور والحوار حول كل مشاكل العلاقة الثنائية، وقضايا الخلاف ووضع قواعد للتعامل معها تدريجياً بحيث لا يظهر التغيير بمثابة هزيمة، أو ربما يترك له تظهيره كانتصار.

وفي مشهد سريالي بدت القوات اللبنانية التي كانت تبدو مجرد داعم لمواقف جنبلاط، تكمل معركته التي بدأها وتجد أنها بقيت وحدها، فرئيس الحكومة سعد الحريري الذي لم يتقبّل تصويت القوات ضد موازنة 2019، وعبر عن امتعاضه من ذلك علناً، ومثلها امتعاضه من سلسلة مواقف طالته خلالها مواقف القوات الانتقادية، سواء للتسوية الرئاسية او اتهامه بالخيانة مع تعيينات المجلس الدستوري، وتتويجاً بموقف القوات من بيان المجلس الأعلى للدفاع بعد العدوان الإسرائيلي، وموقف الحريري بعد رد المقاومة على العدوان، ليس بوارد أن يضبط إيقاع مواقفه على ساعة القوات، وهو متمسك بقراره بمواصلة السير بمضمون التسوية الرئاسية، وبربط النزاع مع حزب الله. وهو ما قالت مصادر متابعة إنه فرض على القوات معايشة حالة تشبه تلك التي كان يعيشها جنبلاط من قلق وهواجس ومخاوف من التهميش، ربما يكون تراجع رئيس حزب القوات سمير جعجع عن زيارته للمختارة رغم التوضيحات غير المقنعة التي أوردها، تعبيراً عن هذا الشعور القواتي بعزلة، نتجت عن حسابات خاطئة تشبه حساباتها يوم محنة الريتز التي واجهها الرئيس الحريري. وقالت المصادر إن حلف القوات مع الرئيس السابق فؤاد السنيورة، ومع بقايا الرابع عشر من آذار، لن يفيدها في تشكيل توازن يعيد إليها ما كانت عليه في بداية تطبيق تفاهم معراب، وربما يكون مفيداً لها أكثر التفكير بالخروج من الحكومة وتصدّر المعارضة في مجلس النواب بعدما صار وجودها في الحكومة ضعيف الفاعلية وصارت التفاهمات العابرة للمكونات الطائفية والسياسية قادرة على توفير الأغلبيات اللازمة حكومياً ونيابياً وميثاقياً بدونها.

تطورات إيجابية .. وصفر مشاكل 

من جهتها تساءلت "اللواء" هل احتوت الطبقة السياسية ممثلة بالثلاثة الاقوياء، في الرئاسات وفي طوائفهم، الشخصية الرابعة في النظام السياسي اللبناني: وليد جنبلاط؟

وأوضحت أن مؤشرات ما بعد حادث قبرشمون، تعكس تطورات إيجابية، خلافاً للتقديرات الجنبلاطية: مجلس الوزراء عاد للانعقاد من دون إحالة ملف قبرشمون إلى المجلس العدلي، التقارب العوني - الجنبلاطي، الذي تدرجه الأوساط القريبة من التيار الوطني الحر بـ«الحكم القائم على شراكة الاقوياء، وبقوة تمثيلهم لطوائفهم».. لا سيما وان اللقاء جاء بدعوة من رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل لرئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط.

وبالتزامن كان الرئيس نبيه بري يُعيد وصل ما انقطع بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي بمصالحة أعادت الأوضاع إلى ما قبل احداث قبرشمون، على ان يكون للقضاء كلمة الفصل في الملف الأمني. وضمن هذه التطورات، باتت الطريق مفتوحة امام التعيينات في نواب حاكم مصرف لبنان، والتي تعثرت بسبب الخلاف على الحاكم الدرزي، فضلاً عن التعيينات في المراكز القضائية الشاغرة.

وفي تقدير مصادر مطلعة، ان عناوين الأسبوع الطالع لا تختلف عن الموضوعات التي شغلت الاهتمام الرسمي والسياسي في الأسبوع الماضي، سواء على صعيد المعالجات الجارية للأزمة المالية التي يواجهها البلد، أو متابعة الاستحقاقات المصيرية بما يتعلق بترسيم الحدود البحرية والبرية، لكن الأهم من كل ذلك سياسياً هو استثمار المصالحات التي انتهى إليها الأسبوع الماضي، سواء بين «حزب الله» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، أو بين هذا الأخير و«التيار الوطني الحر»، بحيث يصل لبنان، ومع القيادات السياسية إلى مرحلة صفر مشاكل، على حدّ تعبير الوزير وائل أبو فاعور، فتفتح أبواب الحوار السياسي والاقتصادي بين الفرقاء بما يؤسّس لمرحلة جديدة بالكامل من الوئام والسلام، تكاد تكون أشبه بالحلم الذي سرعان ما يندثر عند طلوع الصباح.

وبحسب هذه المصادر، فإن لقاء رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ورئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط يوم الجمعة الماضي في اللقلوق، بدعوة من باسيل، وبعده اللقاء القيادي يوم السبت بين «حزب الله» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» في عين التينة برعاية وحضور الرئيس نبيه برّي حمل مؤشرات مهمة سياسية وحكومية على تفاهمات بين قوى سياسية وأساسية مؤثرة في صنع القرار وتنفيذه على كل المستويات، من شأنها اراحة الحكم والحكومة والرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، ما لم تحصل مناكفات من أطراف أخرى متضررة، أو معترضة على طريقة مقاربة الملفات بدأت تظهر مؤشراتها، في إلغاء زيارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع التي كانت مقررة للشوف يوم السبت، رغم نفي «القوات» لهذا الاحتمال، وتأكيد جعجع ان السبب ليس سياسياً وليس أمنياً، وان كان تحفظ عن ذكر السبب، مؤكداً ان الزيارة ارجئت ولم تلغَ، وانها ستتم حتماً في وقت لاحق، وانه كان سيلتقي زعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في المختارة.


 

إقرأ المزيد في: لبنان