يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

القاضي الشامي لـ
31/08/2019

القاضي الشامي لـ"العهد": لدينا معلومات "موثّقة" أنّ الإمام الصدر لا يزال حياً 

فاطمة سلامة

هل سيأتي اليوم الذي نرى فيه الإمام المغيّب السيد موسى الصدر؟ ترى، كيف سيستقبل الشعب عودته المنتظرة منذ أكثر من أربعة عقود؟ تخيّلوا المشهد.  ماذا سيقول للشعب الذي أحبّه رغم أنّ جزءاً منه لم يعايش زمانه؟  ماذا سيقول للمقاومة التي أسّسها والتي تحقّق الانتصارات؟. ماذا سيُحدّثنا عن "الظلم" الذي لحق به؟. أسئلة بديهية كثيرة نُطلقها نحن المنتظرين لعودة إمام ربما لم نعش عصره لكنّنا عرفنا شخصيته من خطاباته ومواقفه الوطنية. رجلٌ حمل همّ الأمة بكل ما تعنيه هذه الكلمة، فعاش الثورة بكافة أبعادها. يكفي أن نستحضر ما قاله الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله فيه منذ أيام لنعلم ما نحن عليه اليوم من انتصارات. فالإمام الصدر ـ برأيه ـ هو من أسّس للإنجازات التي حقّقتها المقاومة. ولعلّ الحديث عن صفات الإمام ـ نقلاً عمن عايشوه ـ لا يمكن حصرها ببضع مفردات. هو حديث يطول عن إمام وقائد وأب "حنون" نحو شعبه. قيل الكثير في الإمام وعنه رُويت الكثير من القصص، ما جعلنا نقول "يا هَنا من عاش عصرك".

ولعلّ قضية إخفاء الإمام الصدر في 31 آب/أغسطس عام 1978 من قبل السلطات الليبية لا تزال قضية وطنية تُطرح حيالها الكثير من التساؤلات. وفي الذكرى الواحدة والأربعين على اختطافه، يؤكّد مقرر لجنة المتابعة الرسمية لقضية إخفاء الإمام الصدر​ ورفيقيه القاضي ​حسن الشامي لموقع "العهد" الإخباري أنّ الإمام الصدر لا يزال حياً انطلاقاً من معلومات موثّقة حصلت عليها لجنة المتابعة. يأخذ الشامي كثيراً على تقاعس وتباطؤ السلطات الليبية في ملف الإمام، ففي عام 2016 كانت المرة الأخيرة التي يجري فيها التواصل مع السلطات الليبية. كما يُشدّد على أنّ الاجماع والوحدة الوطنية يجعلان ملف الإمام المغيّب ملفاً مفتوحاً لا يمكن إغلاقه. 

وهنا نص المقابلة:

س. هل من مستجدات في قضية الإمام السيد موسى الصدر؟

ج. قدرتنا على التواصل مع الجانب الليبي معدومة جداً  نتيجة الأوضاع الأمنية والحرب الدائرة لا سيما في العاصمة الليبية طرابلس. هذا الأمر جعل التطور في هذا الملف بطيئاً. آخر زيارة للوفد اللبناني الى هناك كانت عام 2016. في الوقت نفسه، نحن غير راضين عن مستوى التعاون البطيء والبطيء جداً لا بل المتباطئ ـ حتى ما قبل الأحداث الأمنية ـ. سبق أن أعلنا مراراً وتكرارًا أننا مستاؤون لكننا لم نكتشف حتى الآن لماذا هذا الأسلوب في التعامل الذي أدى الى عدم الوصول الى النتائج المطلوبة في بعض الخيوط التي عثرنا عليها. هذا الأمر أدى الى عدم إكمال التحقيقات للوصول الى خيوط جديدة تؤدي الى تتبع مسار سجون الإمام، ـ أقول سجون وليس سجناً واحداً ـ، والى متابعة الخيط إلى الآخر. طبعاً لا زلنا ننتظر. اللافت أنه وفي أوضاع السّلم لم تعمل السلطات الليبية بالمستوى المطلوب، وهذا ما كنا نقوله دائماً للمسؤولين الليبيين الذين لم يقدّموا في هذا الملف سوى جزء بسيط. 

 

القاضي الشامي لـ"العهد": لدينا معلومات "موثّقة" أنّ الإمام الصدر لا يزال حياً 

 

س. برأيك ما الأسباب  التي تقف وراء هذا التقاعس؟

ج. أتكهّن أنّ اللامبالاة الليبية تعود الى ثلاثة أسباب:

أولاً: يبدو أنّ هناك قراراً بعدم فتح ملفات النظام البائد أو باقفال ما فتح منها. وهذا يخالف وعودهم معنا. وطبعاً المؤشرات على ذلك عديدة منها: قانون العفو الذي أنجزوه، عدم اهتمامهم بملف مجزرة سجن "أبو سليم" الذي راح ضحيته 1200 شخص والذي تورط فيه مجموعة من الضباط.

ثانيًا: هناك ارتباطات قبلية وعشائرية وشخصية، فمثلاً أحد المسؤولين الكبار بعد الثورة يرفض محاكمة أحد أقربائه الذي كان مسؤولاً كبيراً في زمن معمر القذافي لا بل يخرجه من السجن لارتباطات عائلية.

ثالثا: الخوف المالي، مع أنّ السلطات الليبية اعترفت في مذكرة التفاهم التي وقعت في آذار/ مارس عام 2014، بمسؤولية النظام الليبي البائد عن عملية الخطف التي حصلت، ولكن الجانب الليبي قلق من احتمال إجباره على دفع تعويضات. للأسف فإنّ مطالبات البعض في لبنان بمبالغ مالية وصل صداها الى ليبيا ما خلق هذا الخوف لديهم. نحن تولينا الإجابة عن هذا الأمر بالإشارة الى أننا لا نطالب بليرة لبنانية واحدة بل ردّدنا العبارات التي يقولها مراجعنا وقلنا لهم "فلترجعوا لنا الإمام ونحن نعطيكم الأموال". 

س. متى بدأتم العمل فعلياً على هذا الملف؟ 

ج. تشكّلت لجنة المتابعة في آب/ أغسطس 2011 بقرار من الحكومة، وأول زيارة لنا كانت في 25 تشرين الأول/ اكتوبر من العام نفسه، أي بعد مقتل معمر القذافي ببضعة أيام. 

 

القاضي الشامي لـ"العهد": لدينا معلومات "موثّقة" أنّ الإمام الصدر لا يزال حياً 

س. نحن نتحدّث عن سنوات من المتابعة. ماذا أُنجز منذ عام 2011 حتى عام 2016 آخر مرة تواصلتم فيها مع السلطات؟.

ج. منذ عام 2011 حتى 2016 لم ينجز الكثير. نحن نعترف بذلك ونعتبر أنفسنا مقصّرين طالما الامام لم يعد. لكننا ومن خلال زياراتنا الأولى استطعنا تحقيق الآتي:

ـ أخذ الوعود من السلطات الليبية بجعل قضية الامام أولوية ليبية وهذا الأمر مهم جداً أن استطعنا إرساءه
ـ توقيع مذكرة التفاهم عام 2014 
ـ زيارات ليبية قضائية الى لبنان، وتبادل معلومات كثيرة ومستندات استفدنا منها
ـ الاطلاع على بعض التحقيقات التي أجريت في ليبيا ولو بطريقة غير مباشرة

هذا ما تم إنجازه، لكننا نعتبره جزءاً بسيطاً، فنحن نطالب بإقرار خطة تفتيش. ليبيا كبيرة جداً ومساحتها ضخمة جداً، والمناطق لم تتحرّر بأكملها وبالشكل المطلوب، فلربما كان هناك سجن سري تسيطر عليه قبيلة ما. 

س. ما مطالبكم كلجنة متابعة اليوم؟

ج. مطالبنا الآتي:

ـ إعادة تفعيل التواصل مع السلطات الليبية لأنّ ظروف الحرب ليست مبررة

ـ نطالب الجانب الليبي بإكمال التحقيقات التي بدأناها

ـ إقرار خطة تفتيش. نحن ضد اللجان المشتركة، وللبنان موقف ثابت من هذا الأمر. فمن واجب الجانب الليبي تشكيل اللجان ونحن نتعاون معه. 

للأمانة، كان لدينا في السابق مطالب تفصيلية أكثر، لكننا اليوم وبعد العرقلة الحاصلة في هذا الملف عدنا الى العناوين الأساسية، كأن نطالب بالتواصل مع السلطات الليبية وإكمال العمل الذي بدأته. على السلطات البحث عن خيوط، البحث في السجون. فمثلاً عندما تأتي الينا معلومة "موثّقة" عن وجود الإمام في سجن "سبها" حتى العام 2011، وهو سجن سري، هذه المعلومة تفتح أمامنا الترجيحات أنّه قد يكون هناك قبيلة مثلاً في منطقة ما تحتجز الإمام. 

س. كمتابعين للقضية، ما هو شعوركم لناحية "مصير" الإمام؟

ج.  نحن ما زلنا نؤمن بتحرير الإمام لسبب بسيط، عدا عن أنه لم تثبت وفاته، فقد وصلتنا معلومات كثيرة ـ من مصادر ليبية في النظام الحالي والبائد ـ عن وجوده حياً في السجون، ولم يصلنا أي خبر عكس ذلك. بالتأكيد، الإمام الصدر لا يزال حياً وهناك مؤشرات عديدة على ذلك، ونحن نعمل وفقاً لهذه القاعدة. فعلا لا نقول ذلك وفقا لقاعدة عاطفية أو لأننا نهوى التكلم بهذه الطريقة، بل نتكلّم بناء على علم ومنطق وقانون.  

وأشير الى أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري داعم للجنة المتابعة، وعلى تنسيق مع عائلة الإمام وأحياناً يتابع يومياً وبحسب التطورات أدق التفاصيل والتسهيلات لعمل اللجنة وهذه القضية بالنسبة اليه خط أحمر.   

 

القاضي الشامي لـ"العهد": لدينا معلومات "موثّقة" أنّ الإمام الصدر لا يزال حياً 

س. ما الذي يجعل  قضية الإمام الصدر ملفاً مفتوحاً؟

ج. أولاً الاجماع والوحدة الوطنية حياله، فقلمّا نجد ملفاً في لبنان أو شخصية عليها إجماع. هناك إجماع على شخصية الإمام الصدر وقضيته. والدليل على هذا الاجماع عدم الرضوخ لبعض الإشاعات التي تصدرها جهات لا تريد أن يكون هناك أي ذكر للإمام الصدر، وتتولى هذه الجهات الاشاعات والشائعات. مع العلم أنها تعترف في مجالسها الخاصة أن هذا الكلام كذب بكذب واختراع، وهذا ما ثبت لدينا لدى متابعتنا مع بعض الأشخاص الذين اعترفوا لاحقاً بأن ما قيل ليس له أي أساس من الصحة. منذ أيام قال الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله إنّ الإمام الصدر سبب كل إنجازاتنا في المقاومة. هذا الشخص الذي زرع شيئاً مهماً لم يكن موجوداً حيث كنا "أرضاً جدباء" قبله، ليس فقط فئة معينة بل كل الفئات. 

كان الامام سباقا في الحديث عن الفساد وعن كل شيء، لا بل كان يذهب بعيداً في رؤيته. فمثلاً كان يطمح لأن يصبح لبنان من أحلى دول العالم، على اعتبار أن اللبناني مبدع. كان لديه استشراف للمستقبل. مثلاً في أحد خطاباته عام 1977 قال يجب أن نعمل لكي تبقى "إسرائيل" عدواً في الفكر. في وقتها كان يقول البعض إنّ هذا الكلام من البديهيات. اليوم هناك الكثير من الأنظمة العربية لا تعتبر "إسرائيل" عدواً. وفي الختام، أقول إنّ السبب الجنائي الذي جعل المؤامرة تحاك ضد الامام الصدر هو تميزه عن كثر في لبنان وخارجه.

إقرأ المزيد في: خاص العهد