يوميات عدوان نيسان 1996

معادلة الردع

وزير الدفاع لـ
30/08/2019

وزير الدفاع لـ"العهد": لبنان من انتصار الى انتصار..وسنرد على أي اعتداء "إسرائيلي"

فاطمة سلامة-تصوير موسى الحسيني

 حين اجتاحت "إسرائيل" لبنان لاحتلاله، وتصدّت لها المقاومة، كثيراً ما كان يقال في وقتها إنّ "العين لا تُقاوم المخرز". هذه المقولة الانهزامية آمن بها الضعفاء، ولم تأبه لها المقاومة. ثلّة قليلة سعت سعيها وجاهدت في سبيل لبنان، فانتصرت رغم الامكانيات المادية الضئيلة، ليُسجّل الانسحاب "التاريخي" للعدو عام 2000 من أول دولة عربية يحتل أراضيَ لها بلا أي قيد أو شرط. في العام 2006 شنّ العدو حرباً موسّعة على الوطن، لم تكن نتيجتها سوى "استسلامه" تحت الضربات اللبنانية. وفي العام 2017 خاضت المقاومة والمؤسسة العسكرية يداً بيد الحرب ضد التكفيريين والتي انتهت بتحرير لبنان من الخطر الإرهابي، لتسقط "الإمارة" المزعومة بفضل المعادلة الذهبية "الجيش والشعب والمقاومة". 

منذ أيام، ارتكبت "إسرائيل" حماقة جديدة عبر اعتداء سافر ومكشوف على الضاحية الجنوبية لبيروت. "حماقة" لم تمر مرور الكرام، فرأينا ما رأيناه من مواقف رسمية جامعة والتفاف شعبي حول المقاومة والمؤسسة العسكرية التي تبدو على أهبة الاستعداد لمواجهة أي اعتداء "إسرائيلي" على لبنان. الحديث مع وزير الدفاع الياس بو صعب، يجعلك تكتشف مدى القوة والعزيمة اللتين تمتلكهما المؤسسة العسكرية للدفاع عن الوطن. يبدو الوزير واثقاً أكثر من أي وقت مضى بقدرة لبنان في الدفاع عن أرضه في وجه أي اعتداء.

وفي مقابلة مع موقع "العهد" الإخباري يؤكّد بو صعب أنّ الجيش اللبناني سيبادر الى التصدي وإطلاق النار على أي اعتداء "اسرائيلي". برأيه، فإنّ لبنان أقوى من السابق وكل أزمة يمر بها تجعله يخرج أشد قوة، خاصة في ظل وجود رئيس قوي وقيادة واعية من كل الأفرقاء، وعلى "الإسرئيلي" أن يأخذ عبرة من هذا الموضوع. 

كما يُشدّد بو صعب على أنّ الاعتراضات على تصرف لبنان هي أصوات "شاذة" لم يعد لها قيمة ولا وزن لا في السياسة ولا لها قيمة في التأثير على الرأي العام. وحول ما يُحكى عن ضغوطات خارجية، يقول بو صعب إن فخامة الرئيس غير معنيّ بأي نوع من الضغوطات ولا نحن معنيون بها، وكل ما يهمنا فقط مصلحة لبنان أولاً وآخراً، وبفضل هذا الوعي فإن لبنان مستمر من انتصار الى انتصار. 

وهنا نص المقابلة:

س. هل تعرّض لبنان لضغوطات نتيجة المواقف التي اتخذها رسمياً خصوصاً لجهة موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والقرارات التي اتخذها المجلس الدفاع الأعلى؟. 

ج. لا أريد القول إنّ لبنان تعرّض لضغوطات، فلا فخامة الرئيس معنيٌّ بهذه الضغوطات ولا نحن معنيون بها. عندما نطلق القرارات في المجلس الأعلى للدفاع نكون معنيين فقط بمصلحة لبنان أولاً وآخراً. موقف الرئيس عون معروف، في 2006 كان كذلك، واليوم لا يزال كذلك. فكل اعتداء على لبنان يأخذه فخامة الرئيس بالطريقة التي يتكلّم بها والتي بدت واضحة في موقفه الأخير إثر الاعتداء الذي حصل في الضاحية. دائماً الرئيس عون غير معني بأي ضغوطات خارجية، وأي موقف يصدر من أي جهة يخالف قناعاته يعتبر كأنه لم يسمعه وغير معني به، وهذا نهج أي رئيس جمهورية حريص على الكرامة والسيادة. لبنان يتخذ قراراته وفق المواقف التي سمعناها من رئيس الجمهورية، فلا يتخذ مواقف تأخذ بعين الاعتبار كيف ترضي أفرقاء خارجيين، ولا يتخذ مواقف تأخذ بعين الاعتبار عدم تعريض نفسه أو لبنان لضغوطات خارجية. هذا الكلام يجب أن نعرفه دائما عن الرئيس عون. هو غير معني بأي ضغوطات، وفقط فقط معني بالمصلحة اللبنانية الوطنية، وهذا ما شهدناه آخر مرة. 

 

وزير الدفاع لـ"العهد": لبنان من انتصار الى انتصار..وسنرد على أي اعتداء "إسرائيلي"

 

س. جرى الحديث عن ضغوطات أميركية مورست على الجيش اللبناني خصوصاً بعد تصديه للمسيّرات الصهيونية. هل من ضغوطات فعلاً مورست على الجيش لتحييده؟

ج. القرار الذي نفّذه الجيش اللبناني الأربعاء (28 آب) بتصديه للطائرات الصهيونية المسيّرة في العديسة هو قرار ليس وليد اللحظة أو الأزمة، ولم يتم اعطاؤه إياه الأربعاء، بل هو قرار نفّذه الجيش بعد أن رأى طائرات بالعين المجردة فأطلق النار عليها مباشرةً. تحدّثت سابقاً عن أنّ الجيش اللبناني سيبادر الى إطلاق النار على أي اعتداء "اسرائيلي" على الأراضي اللبنانية. وأي اعتداء يكون واضحاً وظاهراً وباستطاعة الجيش إطلاق النار عليه، ستبادر المؤسسة العسكرية وتتصدى وتطلق النار عليه. و للمصادفة، بعد كلامي هذا ببضع ساعات وقعت هذه الحادثة وتبين أن هناك طائرات مسيرة انخفضت الى ارتفاع سمح بأن يراها الجيش بالعين المجرّدة فأطلق النار عليها. وهذا قرار لم يتغير سواء أكان هناك ضغوطات أم لا. الموقف لا يزال نفسه ولن يتغيّر. 

س. وفي حال تكرّرت الحادثة؟

أؤكد لك أن القرار لا يزال هو هو وسيبقى دفاعاً عن لبنان والأراضي اللبنانية، وسنطلق النار على أي اعتداء "اسرائيلي" يكون مكشوفاً لدى الجيش اللبناني وواضحاً سواء في الجو أو في البر، وسابقاً رأينا أن هناك ظابطاً في الجيش اللبناني في حادثة سابقة على الحدود بادر وأطلق النار على طائرات "إسرائيلية"، يعني هذا هو نفسه القرار الموجود لدى الجيش اللبناني ولن يتغير تحت أي ضغوطات. 

س. هل أنت مطمئن للموقف اللبناني الرسمي بعدما رأينا موقفاً مشرفاً من الرؤساء الثلاثة، أم لديك مخاوف من انقسام ما قد يحصل في أي لحظة من اللحظات؟.

ج. لا أعتقد أنّ هناك انقساماً ممكن أن يحصل لأنّ المواقف الرسمية في لبنان والأفرقاء السياسين الممثّلين سواء في مجلس النواب والحكومة الأساسيين موقفهم جميعهم موحّد وواضح. هذا اعتداء "إسرائيلي" سافر على لبنان، لكن البعض من اللبنانيين ربما توافق معنا أنّ هذا اعتداء "اسرائيلي" لكنّه كان لديه موقف مختلف إذ "تمايز" بالقول إنّ هذه الردود يجب أن تكون بقرار من الحكومة، وبأن قرار السلم والحرب يجب أن يكون بيد الدولة اللبنانية. وعندما قال هذا الفريق هذا الكلام في مجلس الوزراء، جاء الرد من رئيس الحكومة بأننا لا نتخّذ قرار السلم والحرب. "الإسرائيلي" هو من اتّخذ هذا القرار وهو من اعتدى ونحن سندافع عن أنفسنا. أعتقد بعد هذا الكلام لا خوف بالتأكيد على المواقف الموحدة التي أطلقها المسؤولون في لبنان. وأعتقد أن "الإسرائيلي" يجب أن يأخذ عبرة مما حصل وفي كل مرة سيعتدي فيها على لبنان سيرى موقفاً جامعاً في لبنان بوجه التهديدات "الإسرائيلية". 

س. هل تعتقد أنّ لبنان اليوم أقوى من الزمن الذي كانت تتم فيه الاعتداءات سابقاً؟

ج. كل أزمة نمر فيها، ومن بعد كل إشكالية سواء في الداخل اللبناني أو بسبب الاعتداءات "الاسرائيلية" يتبيّن لنا أننا نخرج أقوى مما كنّا في السابق. قرارات كثيرة اتخذت في لبنان في ظل وجود رئيس الجمهورية جعلتنا نخرج من أي أزمة أقوى من السابق. مررنا بأزمات سواء داخلية أو خارجية، وفي كل مرة كنا نخرج أقوى وأقوى. ونحن هنا نتحدّث عن اعتداءات "إسرائيلية". إذا أجريت مقارنة بين الوقت الحاضر، وما جرى في حرب تموز والانشقاقات التي كانت حاصلة والمواقف السياسية آنذاك والانشقاق الذي كان موجوداً حينها مقارنة بالخلاف الذي نراه اليوم، أعتقد أنّنا حققنا انتصاراً كبيراً جداً حتى في الداخل اللبناني عبر المواقف السياسية والاجماع، وعلى "الإسرئيلي" أن يأخذ عبرة من هذا الموضوع. ربما كان قادراً في الماضي أن يُحدث تأثيراً أكبر عبر الضغوطات الدولية على القرار السياسي في لبنان، وهذا الأمر لم يعد متوافراً بالنسبة اليه، ـ خاصة في ظل وجود رئيس قوي وقيادة واعية من كل الأفرقاءـ ، لذلك فإنّ أي صوت نسمعه يحمل اعتراضات هو صوت "شاذ" لم يعد له قيمة ولا وزن لا في السياسة ولا له قيمة في التأثير على الرأي العام أو على حجمه الذي سيكون ملتفاً حول الدولة في الدفاع عن الأراضي اللبنانية في وجه الاعتداءات "الاسرائيلية". 

س. في الذكرى الثانية لتحرير الجرود تجسّدت معادلة الجيش والشعب والمقاومة، واليوم بدأنا نرى هذه الثلاثية تتجسّد مع العدوان الصهيوني الأخير على لبنان. هل برأيك ستصل هذه المعادلة الى أوْجها اليوم؟

ج. في البيان الوزاري كنا واضحين: حق اللبنانيين في الدفاع عن أرضهم بكل الوسائل المتاحة، وحقهم أن يقاوموا أي اعتداء. البعض ينزعج من تسمية ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة إنما البيان الوزاري يترجم هذا الموضوع. الخلاف قد يحصل لناحية الحديث عن مقاومة كـ"تنظيم" إذا ما كان باستطاعتها اتخاذ قرارات بمفردها أم لا. لن أناقش هذا الأمر هنا، فأنا كوزير دفاع ليس من دوري الحديث عن هذا الموضوع الآن، وهذا يتم وضعه على طاولة حوار في الوقت المناسب. ولكن أؤكد أنه في أي إشكالية أو أي أزمة أو أي اعتداء لن نقبل بأن "نحرق الوقت" في النقاش كيف سنرد، لا بل سنتحول جميعنا للدفاع عن وطننا سواء عن طريق الجيش أو الشعب أو من يريد أن يقاوم فليقاوم  على طريقته وكيفما يريد. وهذا ما يتبيّن من خلال الوحدة التي تتجسّد في أي اعتداء يحصل علينا. هذا الموضوع أصبح خارج النقاش، أيّ اعتداء سيواجه بإجماع لبناني ودفاع بكل الطرق. 

 

وزير الدفاع لـ"العهد": لبنان من انتصار الى انتصار..وسنرد على أي اعتداء "إسرائيلي"

 

س. فيما يتعلّق بأجواء الاتصالات الدولية والاقليمية التي قام بها لبنان الرسمي، هل حصلتم على ما يُسميه البعض "تطمينات" بأن "إسرائيل" لن تقوم بحرب موسّعة على لبنان؟. 

ج. هناك أطر دبلوماسية قالت إن رسالة "الإسرائيليين" تفيد بأنهم لا يحضّرون لحرب ولا نيّتهم القيام بحرب، وما يأخذنا الى الاحتمال الآخر أنّ "إسرائيل" تُحضّر لانتخابات داخلية وتحاول "شد" وضعها الداخلي باعتداءات من هذا النوع، ولكن هذه الاعتداءات هي سلاح ذو حدين قد تنقلب سلباً على من يفكّر بها، لأنّ اليوم أصبح لدينا لبنان قوي قادر على الرد وصناعة "معادلة"، وباستطاعته ردع العدو، وليس بالضرورة إذا ما كانت هذه نوايا "إسرائيل" أن تعود عليها بالمنفعة الإيجابية في الانتخابات. قد تكون قضية سلبية لهم وخاصة كما قلت لأن وضعنا أقوى بكثير مما كنّا عليه في الماضي. 

س. هل شعرتم أن الأميركيين منزعجون مما قامت به "إسرائيل" أم أنّ هناك تماهياً مع الموقف "الإسرائيلي"؟.

تبيّن لنا أن الجميع لم يكن متوقّعاً حصول هذا الأمر، بعدما تمّت عمليات استفسار من أكثر من جهة. 

س. كيف تُفسّر ما نقل عن "اليونيفيل" لناحية إشارتها الى أنّ الرصاصات التي أطلقت من الجيش تُشكّل خرقاً للقرار "1701"؟ ألا يُشكّل ذلك ازدواجية في المعايير بحيث لا نرى هذه اللهجة عندما تخرق "إسرائيل" الأجواء اللبنانية بشكل يومي؟

ج. في حال صدر موقف رسمي عن "اليونيفيل" في هذا الموضوع، سنرد في حينه، وسنعطيهم الجواب المناسب. 

كلمة أخيرة

في ذكرى تحرير " فجر الجرود" تحية الى أرواح جميع الشهداء الذين سقطوا والذين لولاهم لما استطعنا أن نكمل الطريق، والذين لولاهم لما كنا خرجنا أقوى، فكل معركة وكل حرب وكل أزمة نمر بها نخرج منها أقوى بفضل دماء الشهداء الشرفاء الذين سقطوا دفاعا عن لبنان واللبنانيين جميعا وعن أرض الوطن وكرامته وسيادته. وبالتالي لا نستطيع سوى أن نحيي أهاليهم ونترحم على الشهداء ونقول لبنان مستمر من انتصار الى انتصار حتى يتم إحقاق منطق الدولة ومنع الاعتداءات وردع أي ارهابي أو عدو من أن يفكر في المستقبل أن لبنان متاح أو أن يكون طامعاً به ويعتبره فرصة لسرقة الأرض والنفط أو أي شيء آخر.
 

إقرأ المزيد في: معادلة الردع