طوفان الأقصى

نقاط على الحروف

خطاب في اللاوعي الاسرائيلي
26/08/2019

خطاب في اللاوعي الاسرائيلي

د. لينا بلاغي

من "الخليج الفارسي" الذي خفتت فيه مؤقتًا قرقعة سفنه التجارية النفطية عبر مضيقه المنفتح على خفايا الصراع في اليمن والبحر الاحمر وصولا الى دولة الاحتلال الصهيوني التي يعمل "مختاراها" دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، على تأمين استعجال "أمر الله" في قدوم "مخلصه" بصفقة قرن ليست الضفة الغربية والقدس، او ما يعرف يهوديا الى حد ما بـ"يهودا والسامرة"، تتطور الأحداث.

يقول أحد أبرز المنظرين للصهيونية ـ المسيحية هال ليندسي، في كتابه الشهير جدًا " The Late, Great Planet Earth " في النصف الثاني من القرن الماضي: "جاءت حرب يونيو 1967 ـ الهجوم الإسرائيلي الضخم الذي استمر ستة أيام. لقد شعرت بالحيرة شخصياً من أهمية كل شيء حتى اليوم الثالث من القتال عندما سار موشيه ديان، الجنرال الإسرائيلي العبقري، إلى حائط المبكى، وهو آخر بقايا الهيكل القديم". ويضيف "لقد عدنا إلى قدسنا، لا تتركها مرة أخرى.. مرة أخرى، ضد الاحتمالات المذهلة، قام اليهود عن غير قصد بإعداد المسرح لساعة محاكمتهم الأخيرة".

"ساعة محاكمتهم الأخيرة"، عبر عنها بكل وضوح الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله حينما خاطب المستوطنين الاسرائيليين بأنه "جرت العادة أن يعدّوا للانتخابات بدمائنا ودماء الفلسطينيين، لكن هذه المرة نتنياهو يعمل بدمائكم انتم، يأتي اليكم بالنار السورية والعراقية واللبنانية والفلسطينية.. هذا الرجل الخائف من نتائج الانتخابات، ليس لديه مشكلة ان يعمل انتخابات بدماء الناس، انه يقودكم الى حافة الهاوية".

من الواضح أن الضربات الاسرائيلية في بيروت ودمشق وقبلهما العراق، انما تعبر عن تطورات غير مرغوبة اسرائيليًا في جملة من الملفات الاقليمية، قد لا يكون بعيدًا عنها تطور الملف النووي الايراني، وغير بعيدة على الاطلاق عن استمرار المحاولات الاسرائيلية للخروج من توافقات اوسلو على المستوى الدولي، او العمل على خلق ظروف داخلية مع الفلسطينيين للخروج على الاتفاق الذي يعيد "يهودا والسامرة"بكاملها الى الحضن الاسرائيلي في محاولة للدفاع عن القيم الدينية والسياسية التي عملت عليها الحركة الصهيونية، والتي تضعضعت بعد تطورات لبنان وفلسطين، ابان استعطافها يهود العالم للعودة الى "ارض الميعاد" وفي ظل عدم استتباب الوضع الامني في القدس بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
 
عمليتان أمنيتان بامتياز، ومثيرتان للتساؤل، وقعتا مؤخرًا في محيط الضفة الغربية، الأولى ما أشيع أنه عملية خطف وقتل لجندي اسرائيلي على يد فلسطينيين في مستوطنة غوش عتصيون، وثانيهما المتفجرة التي زرعت عند نبع غرب رام الله بالقرب من مستوطنة دوليف، قاسمهما المشترك ارتباط القتلى بالحاخامات اليهود الاسرائلييين، الامر الذي دفع المتطرفين اليهود الى الدعوة لوضع اليد بالقوة والسيطرة على كل من الضفة وغزة، وفي الحالتين، اذا ما كانت من نتاج المقاومين الفلسطينيين او من نتاج الفكر الاسرائيلي، فانهما تدلان على ضعف جوهري في المنظومة الامنية والقيمية الاسرائيلية.

هناك ما يقلق الكيان الصهيوني - و"المسيحية الصهيونية" - المتخبط في تنبؤاته التوراتية، حول ذلك الأمير القادم من أقصى الشمال، والذي تتحد معه الكثير من الشعوب والجيوش العظيمة في معركة هي الأعنف "هرمجدون" والتي وفق تفسير النبوءات يلعب فيها الروسي والايراني في اقصى شمال فلسطين المحتلة دورا كبيرا، ويتحد مع هذا "الجيش العظيم" المتنوع الجنسيات، الكثير من اعداء "اسرائيل" على امتداد اسيا وافريقيا، علما ان جنوب لبنان يدخل ضمن منظومة اقصى الشمال.

ان ملاحظة الاعتداءات الاسرائيلية الاخيرة والغاضبة جدا، رغم محاولات التفاخر، تشير الى نوع من التخبط الاسرائيلي الناجم عن اعتقاد ضمني بتضافر الجهود الاقليمية، وتطابقها ولو صدفة، مع أسوأ المخاوف الاسرائيلية، التي تبشر بدخول هذا الجيش العظيم حتى حدود القدس، معركة يباد فيها وفق المعتقدات الصهيونية ـ المسيحية، ثلثا الشعب اليهودي في تلك البقعة الجغرافية.

ما بين 1967 و2019 هناك الكثير من المتغيرات التي طالت المنطقة. سماحة السيد نصر الله أشار في خطابه الأخير الى أنه لم يسقط الخيار الاسرائيلي الجوي فحسب وانما اسقط خيار الرد المحدود والمضبوط في مزارع شبعا، وان هذه المقاومة لن "تسمح باعادة عقارب الساعة الى الوراء" في تأكيده أن لبنان لن يستباح مجددًا، داعيًا الجيش الاسرائيلي الى الانتظار "على اجر ونص ..".

الملاحظ أن خطاب السيد حسن نصر الله قد خاطب اللاوعي الاسرائيلي، في اشاراته المتعددة الى قتال المحور الواحد، المتعدد الجنسيات، الممانع للمشروع الامريكي ـ الاسرائيلي في المنطقة، واشارته السابقة "ساصلي في القدس"، اذ ان النبوءات اليهودية الآنفة، تقدم الخنجر الذي سيغرز في قلب هذا الكيان ويهدم عقيدته القتالية والقيمية.

 

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل