معركة أولي البأس

 

تكنولوجيا وأمن معلومات

الخصوصيّة في عصر إنترنت الأشياء.. تحدّيات ونصائح لمواجهتها
22/02/2024

الخصوصيّة في عصر إنترنت الأشياء.. تحدّيات ونصائح لمواجهتها

ياسر فحص

إنترنت الأشياء (Internet of Things – IOT) هو مصطلح يشير إلى كون الأجهزة الكهربائية والإلكترونية مصنوعة على نحو يتيح لها الاتّصال بشبكة الإنترنت بهدف قراءة حالها أو تحكم مستخدمها بها من بُعد، وذلك من خلال تطبيقات الهاتف المحمول أو الويب. وعليه، عندما نتحدث عن إنترنت الأشياء، فإننا نتحدث عن شبكة لا تضم أجهزة الكمبيوتر فحسب، بل مضافًا إليها أغلب أنواع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، مقثل التلفاز، والسيارة، والكاميرا، وقفل الباب الكهربائي وغيرها من الأجهزة الذكيّة، حتّى أنه قد يصل الإنسان إلى مرحلة تصبح فيها كلّ أدواته تقريبًا ذكيّة. وإن هذا لشيءٌ مذهل من حيث مستوى التحكم والسيطرة والرفاهيّة والتسهيل، إلا إنه مرعبٌ في الوقت نفسه! فماذا هناك خلف هذه الرفاهية وتسهيلات العيش؟

لمحة عامة عن نظام عمل إنترنت الأشياء

يعمل نظام إنترنت الأشياء من خلال جمع البيانات وتبادلها بين عناصره الثلاثة، وهي:

1. الجهاز الذكي المتصل بالإنترنت، وهو الجهاز التابع للمستخدِم، وهو المطلوب التحكم به من بعد أو قراءة حاله ومعطياته. مثل التلفاز والكاميرا وقفل الباب ومفتاح الكهرباء...
2. برنامج معالجة البيانات وتحليلها، وهو برنامج تابع للشركة المزوّدة بالخدمة، يكون غالبًا موجودًا على الأنظمة السحابية.
3. واجهة المستخدم، وهي التطبيق الذي يقوم المستخدِم بتنصيبه على هاتفه أو جهاز الكمبيوتر الخاص به، والذي يقوم من خلاله بالتحكم بحال الجهاز الذكي أو قراءة معطياته.

الخصوصيّة في عصر إنترنت الأشياء.. تحدّيات ونصائح لمواجهتها

أمثلة عن إنترنت الأشياء

السيارات الذكيّة: تكون السيارة متصلة بالإنترنت، حيث تُجمع بيانات منها مثل صورة الكاميرات، وحال الأبواب، ودواسة الوقود، والمكابح، وعداد السرعة، وعداد المسافات، والعجلات، وخزانات الوقود، وأكياس الهواء، وغيرها، وذلك بهدف مراقبة أداء السائق وسلامة السيارة.

أنظمة المراقبة المنزليّة: يكون المنزل مجهّزًا بمكوّنات وأجهزة تقوم بجمع بيانات؛ مثل استهلاك الكهرباء في المقابس الذكيّة، وحال منظِّمات الحرارة وأجهزة الكشف عن الدخان، وأقفال الأبواب، وكاميرات المراقبة، وأجهزة الكشف عن تسرّب المياه، وغيرها.

نظام المنزل الذكي الخاص بـ Google: وهو عبارة عن نظام من إنتاج شركة Google، مكوّن من جهاز المساعِد الذكي الذي يحتوي على ميكروفون مشغّل دائمًا، ويقوم بقراءة الأصوات كافة من حوله، ويتلقى الأوامر الصوتية من المستخدِم، من خلال عبارة مفتاحية هي "Okay Google"، فبعد سماعه هذه العبارة، يعد الجملة التي تليها أمرًا من المستخدم. ويضاف إلى هذا الجهاز العديد من الأجهزة الذكيّة مثل التلفاز ومكيف الهواء وأجهزة الإضاءة وغيرها. ومن خلال الأوامر الصوتية، يمكن للمستخدِم طلب الحصول على معلومة علمية أو إخبارية، أو تدوين المواعيد والحصول على تذكير بمواعيد اليوم، ولائحة التسوّق، والتحكم بالتلفاز ومكيّف الهواء والإضاءة وغيرها.

الخصوصيّة في عصر إنترنت الأشياء.. تحدّيات ونصائح لمواجهتها

مخاطر اعتماد إنترنت الأشياء

يمكننا أن نرى من خلال الأمثلة أعلاه، ومن خلال غيرها من الأمثلة، المستوى العالي الذي يمكن أن ينقلنا إليه إنترنت الأشياء على مستوى إدارة حياتنا الخاصة وأعمالنا وغيرها، ما يجعل مستخدمه يعيش أجواء أفلام الخيال العلمي، وذلك من خلال التحكم بكلّ شيء من حوله من خلال الأوامر الصوتية أو نقرة زر بسيطة، فيحصل على المراقبة وتفادي المشكلات وكسب الوقت، والتحكم من بُعد، والإحصاء والتقييم وغيرها من إيجابيات هذا التقدّم التكنولوجي، إلا أن السؤال الذي يجب طرحه هنا، هل ثمّة مخاطر لهذه التكنولوجيا؟ وهل هناك ثمن قد يدفعه المستفيد منها؟ إليكم لائحة بالمخاطر المحتملة، والتي قد تترتّب على اعتماد إنترنت الأشياء:

1. تسرّب الخصوصية: كما ذكرنا سابقًا، فإنّ برامج معالجة البيانات التابعة للشركات التي تقدّم الخدمات الذكيّة، تجمع البيانات من الأجهزة الذكيّة التابعة للمستخدِم، وبالتالي، كلما كان المستخدِم معتمدًا في حياته على الأجهزة الذكيّة كانت تنتقل كميّة أكبر من البيانات المحيطة به إلى تلك الشركات والجهات التي تقف من خلفها، والتي يمكنها الإفادة منها في شتّى المجالات، وهذا بحد ذاته شكل إضافي من أشكال انتهاك خصوصيّة المستخدِم يضاف إلى اللائحة الطويلة من أجهزة وبرامج انتهاك الخصوصيّة، إلا أنه هذه المرّة يقدّم بيانات أعمق وأشمل. وفضلًا عن تمكّن هذه الشركات من انتهاك خصوصيّة المستخدِم، فقد يتمكّن متطفّل من التسلل إلى هذه المنظومة باستغلال إحدى نقاط ضعف الشبكة أو البرامج، والحصول على بيانات الأجهزة وبالتالي انتهاك خصوصيّة المستخدم أيضًا. عندها تصبح الكاميرات والميكروفونات المشغّلة دائمًا وسيلةً للتجسّس على صاحبها.

2. خطر الأذى والإضرار: ذلك قد يتحقق من خلال تسلل متطفل أيضًا، وقيامه بإصدار أوامر للأجهزة، قد تؤدي إلى تلفها أو إلى إحداث مختلف أنواع الإضرار بالمستخدم؛ وذلك بحسب اختلاف أنواع الأجهزة ومجال عملها.

3. خطر الاقتحام والسرقة: الأقفال الذّكيّة ذاتها، والتي يفترض أن ترفع من مستوى الأمان، قد تنقلب علينا بعد إجراء خرق إلكتروني يفتحها القرصان الخبير، وبالتالي إمكان اقتحام المنزل وسرقته إو إلحاق الأذى بأهله. فيصبح القفل البدائي أكثر أمانًا منها!

4. أخطاء النظام الذكيّ: فمهما بلغ التطور والتقدّم على مستوى الأنظمة الذكيّة، فهي معرّضة للوقوع في الأخطاء، وذلك عندما تفهم بشكل خاطئٍ رسالةً صوتيّة مثلًا، أو عدم التعرّف إلى صوت صاحبها بسبب مرض أو أمرٍ ألمّ به. وعندها، يكون حجم تأثير هذا الخطأ بحجم مستوى اعتمادنا على هذا النظام ومستوى تسليمه زمام جوانب حياتنا.
كيف يمكننا مواجهة مخاطر إنترنت الأشياء؟

إن مستوى الخطر في إنترنت الأشياء متفاوت بين مختلف الحالات، وهذا مرتبط بعدة معايير، وبناءً عليها إليكم بعض النصائح:

1. عدم المبالغة في الاعتماد على إنترنت الأشياء. وبالرغم من المخاطر المذكورة أعلاه، لا نقول إنه يجب علينا شطب مصطلح إنترنت الأشياء من حياتنا وعدم الاعتماد على أيّ من خدماته وإيجابياته، إلا أنه ينبغي قصر استخدامه على الحاجات الملحّة لمعالجة مشكلات نواجهها فعلًا، مثل إمكان تشغيل الأدوات الكهربائية من بُعد عن الحاجة لذلك، وعدم الهوس في تحويل حياتنا إلى "حلم الخيال العلمي"، فكلما كبر اعتمادنا على تلك الأجهزة الذكية زادت المخاطر المحتملة منها.

2. اختيار الشركات الأنسب: عند الحاجة لاعتماد الأجهزة الذّكيّة، ينبغي الالتفات إلى الشّركة المنتجة لها أو المزوّدة بخدماتها، واختيارها بناءً على معيارين، الأول هو البلد الذي تتبع إليه الشركة، والانتباه من إمكان تبعيتها لبلد معادٍ، والثاني هو جودة إنتاجها، فالجودة المنخفضة تنعكس بمستوى منخفض من الأمان، على صعيد أمان البرمجة والشبكة، وكذلك على صعيد متانة القطع الكهربائيّة والإلكترونية المستخدمة في تصنيع الأجهزة، فالجودة المتدنية تعنى ارتفاع احتمال التلف والاختراق وإحداث الحرائق وغيرها.

3. حماية أجهزة الهاتف والحاسوب الخاصّة بنا، فاختراق هذه الأجهزة أو إصابتها، قد يؤدي إلى اختراق أو إصابة نظام إنترنت الأشياء والأجهزة الذكيّة الخاصة بنا. ويكون ذلك من خلال الوعي في استخدام الهاتف والحاسوب والإنترنت، وعدم تنصيب البرامج الغير ضرورية وغير الموثوقة، وعدم التفاعل مع المحادثات والروابط المشبوهة، واعتماد Anti - Virus، وغيرها من النصائح التي وردت في مقالات أخرى سابقة.

ختامًا، بالرغم من جمال التطوّر والتقدّم العلمي وما يقدّمه من تسهيلات للحياة، إلا أننا قد ندفع أثمانًا أكبر من خسارة تلك التسهيلات؛ وذلك إذا أغمضنا أعيننا عن مخاطر هذا التطور وأسأنا استخدام التكنولوجيا؛ بل إن مستوى إفادة العدوّ من التقدّم التكنولوجي قد يدفعنا إلى النفور منه وتفضيل الحياة البدائيّة عليه.

التكنولوجياالانترنتالذكاء الاصطناعي

إقرأ المزيد في: تكنولوجيا وأمن معلومات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة