الخليج والعالم
الاستراتيجية التحررية لحكومة طهران محور اهتمام الصحف الإيرانية
سلّطت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الخميس 16/5/2024 الضوء على التطورات الدولية والإقليمية المتعلقة بالحرب الدائرة في غزة، خاصة فيما يتعلق بالنفاق الأميركي الذي يقدّم نفسه كوسيط لعملية التفاوض.
كما كتبت بعض الصحف الإيرانية حول الاستراتيجية التحررية التي تتبعها حكومة الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي في الإفلات من الآثار السلبية للعقوبات.
تحدٍ غير مسبوق للحظر الأميركي
وأشارت صحيفة "إيران" إلى أن نهج السياسة الخارجية للحكومة الإيرانية الثالثة عشرة فتح أعين الكثيرين على طهران، إذ كان من الواضح أن هذا الافتتاح للضيوف المشهورين لن يحبه الكثيرون، لقد أخرجوا كل ما في جيوبهم لانتقاد النهج الإصلاحي الذي ينتهجه السيد إبراهيم رئيسي في السياسة الخارجية، ولمهاجمة الإنجازات التي ستؤتي ثمارها في فترة قصيرة"، موضحة أن "منتقدي السياسة الخارجية للحكومة استهدفوا ثقة الجمهور في فعالية السياسة المتوازنة لجهاز السياسة الخارجية للحكومة الثالثة عشرة، مستهدفين ثقة الضيوف والمستثمرين.. وكان من المتصور أن المنتقدين الذين اعتبروا أنه من المستحيل أن تؤتي السياسة الخارجية ثمارها بسبب العقوبات الأمريكية".
وبحسب الصحيفة، على الرغم من أن الكثيرين ما زالوا لا يعرفون أين يقع اتفاق تشابهار في المعادلات الاقتصادية لإيران والهند، ويُخضعون هذا الاتفاق للحكم بغض النظر عن النهج الجيوسياسي السائد في سياق التعاون بين طهران ونيودلهي، لكن نظرة إلى المواقف التي تبعث على الاستعجال والقلق تظهر أن الجهات الفاعلة الرئيسية في العالم الغربي، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، فيما يتعلق بالاتفاقيات التنفيذية لإيران وحلفائها الآسيويين الرئيسيين، بما في ذلك الاتفاق الأخير بين إيران والهند، على الرغم من إهمال عدد من النقاد الداخليين للأبعاد المهمة لتداعيات السياسة الخارجية الإيرانية، إلا أن ظهور وتطور سياسة إيران التقاربية في المنطقة إلى أي مدى جعل الدول الغربية تشعر بالقلق والارتباك إزاء إضعاف قدراتها الإقليمية".
ورأت أن "القوى العظمى في المنطقة الآسيوية والدول العربية لديها حظر غير مسبوق خارج الحدود الإقليمية من قبل أمريكا ضد إيران، فقبل بضعة أسابيع فقط أعلن مسؤولو حكومة إسلام أباد أنهم سيبدأون العمل في الجزء البالغ طوله 80 كيلومترًا من خط الأنابيب الباكستاني الإيراني، على الرغم من التحذير الأمريكي باستكمال خط الأنابيب بين إيران وباكستان"، مضيفة أن "هذا الموقف أظهر أن باكستان، مثل الهند، ليس لديها قرار باتباع سياسات واشنطن التدخلية من خلال فهم حقائق الأمن والجغرافيا الاقتصادية للبيئة المحيطة بها".
وذكرت الصحيفة أنه "انطلاقاً من هذا التصور بدأ السيد رئيسي سياسة فتح أذرع التعاون الاقتصادي لدول الجوار والمنطقة والحصول على حضور قوي في السوق التنافسية للبلاد، وفي ظل هذا النهج، طلب من أذرع الدبلوماسية والعيون الأمنية لحكومته أن تأتي وتحيط بعملية الأجانب ولا تتوانى أبدًا عن التواصل والتبادل مع الآخرين"، وقالت: " يمكن ملاحظة ظهور ثمار هذه السياسة في تعزيز علاقات إيران الثنائية وحضورها في التحالفات الأمنية والاقتصادية مثل العضوية في مجموعة البريكس؛ التحالفات التي أعطت بعدًا استراتيجيًا للتعاون مع الدولة في العديد من المجالات، وأتاحت إمكانية الاستثمارات الاقتصادية الكلية في القطاعات المهمة والبنية التحتية".
كيف تقرأ حماس المفاوضات
بدورها، لفتت صحيفة "وطن أمروز" إلى أن "الجنرال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أعرب عن أسفه للمسار "غير الناجح" لمفاوضات غزة في القاهرة، وقال: "انتهت الاجتماعات في الوقت الحالي ووصلت المفاوضات إلى طريق مسدود"، مضيفة أن "الرئيس الأمريكي جو بايدن زعم أنه إذا تم إطلاق سراح الأسرى الصهاينة فورًا، فسيكون وقف إطلاق النار متاحًا في اليوم التالي".
وأكدت أن "تلخيص مواقف القادة الأميركيين من مفاوضات القاهرة يقودنا إلى فرضية تقول: أميركا متورطة في فشل مفاوضات غزة، والبيت الأبيض يصر على تقديم نفسه "كوسيط" في مفاوضات غزة ويظهرون أنفسهم جهة مستقلة عن الكيان الصهيوني، وقد أكدت حماس مرارا وتكرارا أن الولايات المتحدة، من خلال دعمها المباشر والعملياتي والأمني للإبادة الجماعية الفلسطينية، هي وكيل الحرب والقتل جنبًا إلى جنب مع الصهاينة، ولا يمكنها أن تقلب هذه الحقيقة رأسًا على عقب من خلال الابتزاز الدعائي، وهذه القاعدة تنطبق أيضًا على مفاوضات القاهرة".
ورأت الصحيفة أن "لعبة الصهاينة وواشنطن فيما يتعلق بمفاوضات وقف إطلاق النار محددة تماما بالتداخل بين مصالحهما وليس هناك أدنى تمييز بينهما، وحتى جزء كبير من الخلافات التكتيكية بين واشنطن وتل أبيب في قصة الهجوم على رفح سببه تأثير الحرب على الموقف السياسي للديمقراطيين في البيت الأبيض"، وقالت: "لكن السؤال الأساسي هو: لماذا أفشلت الولايات المتحدة ونظام الاحتلال المفاوضات في القاهرة؟.. الجواب على هذا السؤال يمكن العثور عليه في مواقف بايدن الأخيرة، فقد أكد الرئيس الأمريكي أنه إذا أطلقت حماس سراح الأسرى الصهاينة (جميع الأسرى)، فإن وقف إطلاق النار (المؤقت) متاح، وقد كشف بايدن عن غير قصد عن التكتيكات المشتركة لواشنطن وتل أبيب في مفاوضات القاهرة، التي تهدف إلى "نزع سلاح حماس" من خلال إعادة الأسرى إلى الأراضي المحتلة".
وقالت: بناءً على ذلك، ومع إطلاق سراح الأسرى الصهاينة، لن يكون لحماس ورقة رابحة في قطاع غزة، وبعد انتهاء فترة وقف إطلاق النار المؤقت (وحتى خلال نفس فترة وقف إطلاق النار البالغة 42 يومًا)، فإن كيان الاحتلال سينفذ هجماته الوحشية والواسعة النطاق على رفح وأجزاء اخرى من القطاع.. لقد طالبت أمريكا والكيان الصهيوني بـ "الإفراج عن جميع الأسرى الصهاينة" مقابل "وقف إطلاق نار محدود وغير مضمون"!".
وختمت الصحيفة بالقول: "تطرح حماس قضية الأسرى الصهاينة بمزيج من "الغموض التكتيكي" و"المطالبة بتعويضات مضمونة"، وهي نفس المفاوضات الأسوأ من مشهد الحرب بالنسبة لأميركا وكيان الاحتلال، وخلال مفاوضات القاهرة، حاول مسؤولو البيت الأبيض مرارًا وتكرارًا وضع حماس في معضلة "السيء" و"الأسوأ"، إلا أن المقاومة الإسلامية في فلسطين لم تسمح بتشكل هذه المعادلة المشوهة".
العزلة الأميركية الإسرائيلية
واعتبرت صحيفة "جام جم" أن "رأي الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الاعتراف بفلسطين كدولة وإحالتها إلى مجلس الأمن للموافقة على هذه القضية وإعلان فلسطين عضوا جديدا في الأمم المتحدة، هو إجراء مهم"، مشيرة إلى أن "هذه القضية تؤكد أن فلسطين وحماس لم تنجحا على الصعيد العسكري والميداني ولم تسمحا للكيان الصهيوني بتحقيق أهدافه فحسب، بل تمكنتا أيضًا على الصعيد الدولي من الحصول على إجماع عالمي.. وبهذه الطريقة توصلت الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي كانت عادة تحت تأثير الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية مثل بريطانيا، إلى مثل هذا القرار أخيرًا".
وذكرت أن "النقطة الأخرى هي أن الكيان الصهيوني يائس في الفضاء الدولي لدرجة أن سفير هذا الكيان قام بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة علانية أمام أعضاء الجمعية العامة، وهذا فشل آخر للكيان الصهيوني".
وختمت الصحيفة بالقول إن "الفيتو الأمريكي لا يقلل من قيمة عمل الجمعية العامة للأمم المتحدة وإضفاء الشرعية على فلسطين كدولة، وسيزيد من عزلة أمريكا، ومن الآن فصاعدًا، سيتم عزل أمريكا كدولة واحدة في المجتمع الدولي، الأمر الذي سيكون فشلًا كبيرًا للكيان الصهيوني ومؤيديه"، مضيفة: "اليوم هو فرصة جيدة جدًا لاستخدام هذا الفضاء على الساحة الدولية بالتوازي مع الإجراءات التي يتخذها الفلسطينيون داخليًا للدفاع عن أنفسهم إزاء الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيانالصهيوني، والنقطة الأخيرة هي أن السياسة الأساسية لجمهورية إيران الإسلامية هي عدم الاعتراف بشرعية الكيان، إذ تعتبر طهران أن وجود "إسرائيل" في الأراضي المحتلة هو سبب لانعدام الأمن، ولهذا السبب ترفض وجود "إسرائيل"، وبطبيعة الحال، من خلال الحفاظ على هذا التحفظ، فإنها بطبيعة الحال تؤيد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة كخطوة إلى الأمام لتحقيق تطلعات الفلسطينيين".