#فارس_القدس
بعد عام على استشهاده: كيف ساهم الحاج قاسم سليماني في دعم موقف لبنان القوي؟
شارل ابي نادر
في الواقع، يعيش لبنان الدولة اليوم اصعب ايامه منذ الاستقلال، اقتصاديا وماليا: على شفير الانهيار، او ربما تجاوز الانهيار المتعارف عليه عالميا باشواط، سياسيا: حدّث ولا حرج، خلافات واتهامات وتباعد بين قياداته السياسية وزعاماته المتحكمة بالسلطة منذ ما قبل ولادة الدولة، لا تواصل بين المكونات الرئيسة، لا افق لتشكيل حكومة، ولا امل في الوقت القريب او المتوسط بخروج السلطة من حالة الفشل والعقم والعجز، شعبيا: ومع ضغوط الكورونا والحاجة لوجود سلطات محلية ورسمية لدعم الشعب والمواطنين، لم يعد لهؤلاء القدرة على التصرف بمدخراتهم واموالهم المتواضعة، والتي ادخروها طوال عمرهم وتعبهم للايام الصعبة، والتي داهمتهم بقساوتها، وبدوا امامها مستسلمين الى مشيئة القدر.
من جهة اخرى، صحيح ان المواطنين، بخياراتهم السياسية "الديمقراطية"، ثبّتوا جلّاديهم في السلطة، يتحكّمون برقابهم وبارزاقهم وبامنهم الاجتماعي والمعيشي وبمستقبل اولادهم، ولكن لا يمكن ابعاد تأثير الضغوط الخارجية التي تحاصر لبنان لاركاعه واجباره على اتخاذ مواقف سياسية تماشيا مع قرارات اقليمية ودولية، تصب في خانة التطبيع والغاء ودفن قدرات المقاومة وامكانياتها وقراراتها وخياراتها.
هذا فيما خص المعادلة الداخلية، اما فيما خص المواجهة ضد اسرائيل، لبنان اليوم، المنهار اقتصاديا وسياسيا، والمعاقب والمحاصر والمضغوط، يُجبر "اسرائيل" على فرض مناطق عسكرية داخل الاراضي المحتلة على الحدود الشمالية، وعلى اغلاق اغلب مستوطنات الجليل، وما زالت وحداتها الحدودية مع لبنان، والمتداخلة ايضا في عمق الاراضي المحتلة، تقف على اجر ونص خوفا من رد مرتقب واكيد للمقاومة على اغتيال الصهاينة احد عناصرها في سوريا، بالاضافة إلى ان
إذاً، على صعيد الصراع ضد الصهاينة، جبهة لبنان اليوم أقوى بمواجهة "إسرائيل"، واثبت واكثر صلابة بمواجهة التهديدات الاميركية التي هدفت وتهدف الى انصياع لبنان، وهذا الموقف القوي، طبعا لم يأت من تماسك الموقف السياسي الداخلي اللبناني، والذي هو غير موجود ابدا، ولا بسبب ما يملك الجيش اللبناني من قدرات نوعية استراتيجية، وخاصة منظومات دفاع جوي، والتي هي غير متوفرة لديه بتاتا، حيث ممنوع عليه امتلاك هذه القدرات حاليا، خاصة ان الدول الغربية وعلى راسها الاميركيون وبعض الدول الاقليمية، فشلوا في الرهان على خلق صدام بين الجيش اللبناني والمقاومة، وفشلوا في تغيير استراتيجيته الثابتة في التوجهات الوطنية ضد العدو الاسرائيلي ، فاختار هؤلاء اللاعبون الخارجييون، الضغط في النقطة التي يستطيعون التحكم بها على الجيش اللبناني، وهي حرمانه من امكانيات الدفاع الاساسية والضرورية.
في الحقيقة، هذا
وهذا الموقف المتميز والقوي الذي يقفه لبنان اليوم، والمناقض تماما لموقعه الحالي الضعيف داخليا، ولوضعه الهش ماليا وسياسيا، هو نتيجة ما يملك على صعيد الردع، عبر المقاومة، والتي أصبحت معادلة الردع لديها في صلب قوة لبنان، رغماً عن بعض الخائفين، او الحاقدين، او المحدودين في الرؤية، او المرتهنين في التوجه والمواقف، هذه القوة التي كانت وما زالت وستبقى الداعم الظاهرـ الخفي، والجندي المجهول ـ المعلوم لموقف لبنان الرسمي، والذي نقله الوفد المفاوض لترسيم الحدود البحرية، حيث كان صاعقا وجريئا وغير مسبوقٍ وغير منتظرٍ، في طرح حقوق لبنان الصحيحة في قياسات وأبعاد مياهه الاقتصادية الخالصة جنوبا وجنوب غرب، مفاجئا الأميركيين والإسرائيليين، والذين كانوا ينتظرون موقفا لبنانيا ضعيفا خجولا ومترددا، نتيجة سياسة الضغط الاقتصادي والسياسي والديبلوماسي التي مارسوها عليه، خصيصا او بنسبة كبيرة، بهدف انصياعه لمفاوضات الترسيم البحري معهم.
هذه هي نتيجة عمل الحاج قاسم سليماني وإدارته لتثبيت ولدعم المقاومة، والتي استفاد لبنان من معادلتها، معادلة الردع الصاروخية وغير الصاروخية، في مواجهة من يريد التعدي على حقوقه وسيادته، ولم تكن يوما هذه المعادلة لاستعمالها او لاستغلالها من قبل ايران في الخليج ، ضد الاميركيين او ضد الدول الخليجية الاميركية التوجه، او لاستعمالها للضغط في مناورة النفوذ والصراع بين ايران وجيرانها، في الخلاف مع الامارات على بعض الجزر في الخليج، او في الاشكاليات الحدودية مع اذربيجان او افغانستان او باكستان.
إنها فقط وبكل صدق وبساطة، معادلة القوة التي وضعت لبنان في مصاف الدول القادرة على اتخاذ موقف ثابت ومحصن، امام محاولات استفراده والاعتداء على حقوقه وسيادته.
إقرأ المزيد في: #فارس_القدس
09/01/2021
صانعُ المعجزات على طريق فلسطين
03/01/2021